كان لجحا جار ثقيل، يكثر من الطلبات، فمرة يطلب من جحا أن يعيره طنجرة، ومرة يستلف منه نقوداً ثم يماطل في إعادتها إليه، ومرة يستخدمه في قضاء بعض الحاجات.
أما اليوم، فقد جاء ليستعير حمار جحا.
قرع الباب، وخرج إليه جحا، ورحب به، وسأله عن حاجته، فقال له جاره:
أنت تعرف- يا جاري العزيز يا جحا- حق الجار على الجار.
قال جحا:نعم.. أعرف.
قال الجار:وتعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى حتى سابع جار.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني رجل كبير السن.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني أشكو الألم في مفاصلي .
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني لا أملك حماراً أركبه لقضاء حاجاتي.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أن للجار على الجار وحماره.
قال جحا:الشق الثاني أهم من الشق الأول.
سأل جحا: لماذا؟
قال الجار:لأني أريد الذهاب إلى السوق، وأرجو أن تعيرني حمارك.
عندها أدرك جحا أن كل هذا اللف والدوران من أجل الحمار.
تلفت جحا حوله، وتنحنح، ورسم ابتسامة باهتة على شفتيه، ثم قال:
ولكن حماري ليس هنا يا صديقي.
سأل الجار:أين هو يا جاري العزيز؟
أجاب جحا:في البستان.. أخدته زوجتي أم الورد إلى البستان.
في هذه اللحظة، نهق الحمار، فقال الجار:
حمارك في البيت يا جحا، فلماذا تكذب عليّ
فعبس جحا وهو يقول:
ويحك يا جاري تكذبني وتصدق حماري